بقلم/ أبو عمر محمد إلياس سلطان أحمد
لا ولن تنحل المشكلة في عشية وضحاها، ولا بد من صبر جميل وطويل للوصول إلى حل جاد لأي قضايا كانت، لا بد من تجاوز مراحل بعد مراحل، ولا يوجد في التاريخ بأنه انحلت أي مشكلة ديناميكياً.
قضية الروهنغيا من أعضل القضايا في المرحلة الراهنة، وهي قضية استغرقت سنينا وقضية شعب عريق ظل ضحية مؤامرات تلو مؤامرات، شعب حرم من الاعتراف به في وطنه ومسقط رأسه وحرم من جميع الحقوق التي تحظى به عرقيات كجزء غير منفصل من الوطن والمجتمع الذي ينتمي إليه، وهناك الطرف الآخر لا يرجى منه أي مرونة في مواقفه، لا قيمة لديه لثقافة التسامح والعيش السلمي ولم يتعود إلا على العنف والتشدد؛ كأنه بصدد تسجيل تاريخ في جنوب شرق آسيا نظير بربرية وحشية حدثت ضد المسلمين في بوسنة وهرسك وكوسوفا .
البوذيون بمساندة حكومة ميانمار الراهنة رسموا تخطيطا خطيرا لإبادة العرقية المسلمة ( الروهنغيا ) نهائياً من أرض أراكان التي هي أرض المسلمين منذ العصور، والبوذيون هم الدخلاء هناك، وتحت تخطيط الاستيطان البوذي فيها تم اغتصاب أراضي المسلمين كما يشهد عليه التاريخ، والمسلمون عبر التاريخ ما زالوا يعانون من أعنف التنكيل والشدائد وهم مكتوفي الأيدي لا حول وقوة لهم, فقدوا كثيرا وكثيراً من النفس والمال والممتلكات والحرية .
لا بد من تفكير جاد حول العمل للقضية ولا بد أن نفهم ماذا علينا من مسؤوليات وواجبات. كلنا نتكلم وكلنا ننتقد بعضنا بعضاً وكلنا مسرورون بجرح مشاعر الآخرين بغض النظر عن ماهية ما قدمنا لهذه الأمة المنكوبة وماذا فعلنا، وعادة نرمي المسؤولية على عواتق الآخرين ونتشدق… هذه بسبب هؤلاء، أو بسبب أخطاء مجموعة فلانية ، أو بسبب فلان , وما نسمعه في وسائل التواصل معظمه سلبيات.
لا بد علينا أن نقوم بتبني أفكار إيجابية، فالعمل لا يكتمل بخطوة واحدة وبطريقة مفاجئة بل لا بد من إكمال مشوار جهود طويلة ومتواصلة عبر جيل تلو جيل، ولو انقطع المشوار وتعرضت الجهود للضياع في وسط الطريق قبل الوصول إلى الهدف لن نستطيع أبداً تحقيقه .
لا بد علينا استعراض الأسباب وتداعيات الفشل المتكرر لجهودنا وما يعوق دون وصولنا إلى الهدف المنشود، وفي التالي بعض الأسباب :
1. عدم تحديد الأهداف المرجوة المرنة المتوقعة تحقيقها من الجهود .
2. عدم تبني الاستراتيجيات بالدراسات الواقعية والأولويات لإنجاز ما هو الأهم .
3. عدم وجود الكفاءات المطلوبة لتحمل المهام المختلفة .
4. عدم المعرفة والاطلاع الكافي عن القضية وأبعادها المختلفة .
5. عدم ثقة بعضنا ببعض في العمل .
6. فقدان المرجعية والمحور الأساسي الذي يمكن أن يرجع الجميع إليه في حل المشكلات والأزمات.
7. عدم الإحساس بالمسؤولية الملقاة على العواتق لصالح القضية والشعب .
8. فقدان التربية الاجتماعية والتوعية على المستوى المطلوب .
9. فقدان التأسي بالناجحين في الانضباط وتنظيم الأمور .
10. عدم وجود الإمكانيات لتبني المشاريع وأخذ الآليات المناسبة لتحقيق الأهداف المنشودة .
هذه هي طائفة من أسباب وتداعيات الفشل على سبيل المثال ليس بالحصر، وحين يمكن دراسة الأسباب يسهل استدراكها وتجاوزها، ونظرا إلى ذلك علينا أن نعمل على المدى البعيد بتبني الاستراتيجيات الملائمة وتحديد الأهداف المرنة المتوقعة تحقيقها، ومن هنا يجب علينا أن نحدد بعض البرامج والأعمال والمشاريع التي لها الأولية سعيا للوصول إلى الأهداف وبعضها كالتالي :
1. الاهتمام بنشر الدعوة والتوعية لجميع المستويات بالمنهج السليم الموافق للكتاب والسنة.
2. الاهتمام بالجانب التعليمي للأبناء في داخل أراكان بالمنح الدراسية في أي دولة مجاورة يمكن الدراسة فيها بأقل تكلفة مالية .
3. تشجيع من يقومون بالتعليم والتربية والدعوة في داخل أراكان بمساعدتهم وبدعمهم مادياً ومعنويا ووضع استراتيجيات للتعليم يضمن تأهيل أبناء الروهنغيا ليكونوا كوادر علمية على المستوى المطلوب وعدة بناء المستقبل .
4. السعي الحثيث لتوحيد الصفوف على مستوى القيادات والمنظمات والجمعيات وذلك من خلال عمل البرامج المشتركة بالتنسيق مع الأطراف المختلفة ( الإغاثة ، الخدمات الاجتماعية ، المؤتمرات ، والدورات والمسابقات العلمية وغيرها ).
5. تقليل جرح بعضنا بعضاً واحترام الآخرين.
6. تجنب جميع ما يسبب الخلافات و التشرذم والتفرق .
7. الاهتمام بنشر التسامح والعفو واحترام الآخرين .
8. تربية الأبناء تربية صحيحة حتى لا يتعرضوا للضياع .
روى الإمام البيهقي رحمه الله عن أم المؤمنين عَائِشَةَ بنت الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وعن أبيها أنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ ..الحديث.